سجل العراق يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر2023 إجراء أول انتخابات محلية بعد مدة من إلغاء إجراءها على إثر احتجاجات شعبية انطلقت في عام 2019 تطالب بعدة مطالب من بينها إلغاء مجالس المحافظات التي تعتبرها حلقة أخرى لسيطرة الأحزاب المتنفذة في العراق. وتنافست الأحزاب والمرشحون المستقلون للوصول إلى مجالس المحافظات غير المنتمية لإقليم للحصول على 285 مقعداً، موزعة على 15 محافظة (باستثناء إقليم كردستان)، فيما بلغ عدد المرشحين سواء المنضمين للأحزاب أو المستقلين 5915 مرشحاً و29 حزباً.
وقد جرى احتساب الأصوات وتقسيم المقاعد وفق النظام الانتخابي المعروف سانت ليغو 1,7 الذي تم إلغاؤه في الانتخابات البرلمانية 2021بعد اعتراضات شعبية ضده لأنه يحابي الكتل الكبيرة ويعطيها حجماً أكبر، ويهمل الكتل والأحزاب صاحبة الأصوات القليلة، وقد أعاد مجلس النواب العراقي هذا النظام قبيل عقد هذه الانتخابات وتحديداً في آذار/ مارس 2023 حيث تم إعادة الاعتماد على الدائرة الواحدة واعتبار المحافظات دائرة انتخابية واحد(1). وقد تم اعتماد هذا النظام في الانتخابات المحلية الحالية ايضاً، وقد رفضت عدد من الأحزاب التي تنتمي إلى طيف الأحزاب المدنية والمستقلين إعادة الدائرة الواحدة لأنها تعتبره معززاً لسيطرة الأحزاب المتنفذة والكبيرة على حساب الأحزاب الصغيرة والمستقلين.
وقد وصلت نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية الحالية، حسب إحصائيات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إلى نسبة 41٪. وأظهرت الإحصائيات أن كركوك كانت أعلى محافظة من حيث نسبة التصويت بـ 66٪، وكانت هذه المرة الأولى التي تُجرى فيها انتخابات محلية منذ عام 2005. بينما جاءت محافظة ميسان بأقل نسبة مشاركة، حيث بلغت 29٪(2). ويلاحظ في هذه الانتخابات مقاطعة الكتلة الصدرية للانتخابات، حيث لم تشارك لأول مرة في الانتخابات العراقية بعد انسحاب نوابهم من الدورة الخامسة للبرلمان العراقي، بعد أن حصدوا 74 مقعدًا، مفضلين تقديم استقالاتهم إلى البرلمان العراقي.
وبناءً على الإحصائيات التي أصدرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أظهرت المحافظات في شمال وغرب العراق نسبة مشاركة أعلى مقارنةً بمناطق وسط وجنوب العراق، بما في ذلك بغداد. فقد كانت مناطق الرصافة هي الأقل مشاركةً في الانتخابات. يُعزى ذلك ربما إلى مقاطعة التيار الصدري الانتخابات المحلية وعدم رغبته في دعم أي مرشح يشارك في الانتخابات. فضلاً عن مقاطعة جمهور واسع لدعم الأحزاب والقوى السياسية التقليدية وضعفَ مشاركةِ ودعمِ المستقلينَ والمدنين. ويتساءل البعض عن العوامل الأخرى التي أثرت في هذه النتائج فتأتي في مقدمتها مقاطعة العديد من فئات الشعب لوجود عمل لمجالس المحافظات فضلاً عن ذلك فإن مقاطعة الانتخابات أسلوب عراقي للتعبير عن رفض وجود عدد من القوى السياسية التقليدية، وهذا يدفع إلى البحث حول مشروطية عودة عمل مجالس المحافظات إلى العمل التي يبدو أنها سوف تتعامل مع عدد من التحديات أبرزها:
اولاً: ثنائية الاستقرار والفوضى في الانتخابات المحلية.
يظل الحديث عن الانتخابات العراقية محورًا للتساؤلات حول قدرتها على تحقيق الاستقرار أو إثارة الفوضى. بعد فرز الأصوات وتأسيس المجالس المحلية، تبرز التحديات التي تواجه القوى المتنافسة في تشكيل الحكومات المحلية، خاصة في المناطق التي تحتفظ فيها القوى التقليدية بتأثيرها. ورغم هذا، فإن هناك أملًا في تحقيق الاستقرار، خاصة أن هناك قوى سياسية وبعض القوى غير التقليدية التي تُظهر اهتمامًا بالملفات المحلية على حساب الانغماس في الخلافات الطائفية أو العصبية. هذا يُظهر تحولًا محتملًا في مسار الانتخابات، حيث يكون الناخبون قد تجاوزوا مرحلة التصويت بناءً على الانتماءات العرقية(العصبوية) أو الطائفية وهي المرة الأولى بعد العام 2005وبداية الانتخابات العراقية، جدير بالذكر أن التصويت كان أساسًا في مناطق ذات تركيبة سكانية متجانسة إلى حد ما باستثناء العاصمة وبعض المحافظات.
أظهرت الانتخابات أن الأحزاب التقليدية حققت مقاعد في عدة محافظات، حيث شكل بعضها غالبية المقاعد. هذا الوضع قد يُسهم في تعزيز الاستقرار، حيث تعتبر هذه الأحزاب أن الفوضى لا تخدم مصالحها. وفي المقابل، خسر عدد من الأحزاب التقليدية، وباتت غير موجودة بقوة في الساحة السياسية. هذا يجعل من المناسب التركيز على تأسيس مشاريع سياسية جديدة تهدف إلى تحقيق الاستقرار والإنجازات الملموسة، مما قد يساعد في الحفاظ على استقرار الوضع السياسي الراهن.
يبدو أن أكبر التحديات التي تواجه المجالس المحلية حاليًا للحفاظ على استقرارها هو التعامل مع القوى المقاطعة للانتخابات، خصوصًا التيار الصدري والقوى المدنية التي نشأت من حراك احتجاجات تشرين وقررت مقاطعة الانتخابات. وهذه الانتخابات قد تحدد مصير المجالس المحلية كمؤسسات تشريعية موجودة، حيث عانت في الماضي من فشل أداء واجباتها، مما أدى إلى تفاقم مشكلة المقاطعة الشعبية لها. لذلك، يُعتبر تحديد مسارها المستقبلي فرصة لتجديد الثقة بين المواطنين والمجالس المحلية المنتخبة. وفي هذا السياق، يتمنى الكثيرون أن تتجنب الأحزاب الجديدة التي حققت مقاعد واقع أن تكون مجرد وجوه جديدة للأحزاب التقليدية، حيث يسعى البعض إلى الحفاظ على الأفضلية السياسية عن طريق طرح بدائل حزبية موالية له ولكن بوجوه سياسية جديدة.
ثانياً: التعامل مع سانت ليغو والعملية الانتخابية.
بدأت الأحزاب العراقية استيعاب نظام سانت ليغو المُعدل 1,4 منذ الانتخابات المحلية لعام 2013. وقد أسفر هذا النظام عن فوز الأحزاب الصغيرة والمستقلين بنسب تمثيل مُعترف بها. ومع ذلك، تم الانتقال في الانتخابات المحلية الأخيرة إلى نظام سانت ليغو بمعامل 1,7، الذي يُفضل الكيانات والأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب المتوسطة والصغيرة والمستقلين(3). هذا التغيير يُعتبر تحولًا إستراتيجيًا في طريقة التمثيل الانتخابي، مما يُحدث توازنًا جديدًا في المشهد السياسي العراقي الذي سوف يكون بعيدا عن التمثيل الحقيقي لفئات الشعب. وفي هذا السياق، يمكن القول إن الانتخابات الحالية أظهرت وضوحًا كبيرًا في تأثير نظام سانت ليغو المُعدل 1,7. فقد فشل المرشحون المستقلون والأحزاب الصغيرة في الحصول على مقاعد في عدة محافظات، مما يُظهر أن المرشحين المنفردين قد يجدون صعوبة في تحقيق تمثيل فعال دون الانخراط في تحالفات قوية. وقد اكتشف بعض المرشحين هذه الحقيقة عندما قرروا الانضمام إلى قوائم كبيرة، كما حدث مع ترشيحهم ضمن ائتلاف الأساس العراقي.
وفي نفس السياق، يمكن القول إن الانتخابات الأخيرة أكدت أن الأحزاب والقوى الجديدة أصبحت على دراية تامة بمفاصل النظام الانتخابي العراقي. فقد حققت فائدة من آليات العملية التقنية لحساب الأصوات وتوزيع الأوزان الانتخابية. ومن هذا المنطلق، تمكن مرشحو القوى المدنية الجديدة من جذب نسب أصوات أكبر مما كان متوقعًا، حتى وإن لم ينجحوا في تحقيق مقاعد محلية. من ناحية أخرى، سعت الأحزاب التقليدية إلى تطوير إستراتيجياتها الانتخابية، والبعض منها استعان بخبرات تقنية وخبراء انتخابيين من الخارج لضمان النجاح، مما أظهر أن الخطاب الطائفي والمناطقي لم يعد كافيًا للفوز في الانتخابات، حيث أصبح المصوتون أكثر تحفظًا وتقييمًا للبرامج والأداء.
تظهر هذه الأمثلة كيف يمكن للأحزاب استغلال إستراتيجيات متعددة لتحقيق نتائج أفضل في الانتخابات. ففي بعض المحافظات، مثل الأنبار، يمكن لرئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، أن يستفيد من تقسيم قوائمه الانتخابية لضمان تمثيل قوي. بينما في محافظات أخرى مثل بغداد، تُظهر النتائج أن الرهان على قائمة واحدة قد يكون أكثر فعالية في بعض السياقات ومن ثم التحالف مع قوائم أخرى بعد النتائج. وهذه الإستراتيجية ليست محصورة على الأحزاب الكبيرة فقط، فقد أظهرت محافظة البصرة كيف يمكن لمرشح منفرد الاستفادة من قاعدة انتخابية قوية لتحقيق نجاحات إنتخابية، حتى بعيدًا عن التحالفات.
ثالثاً: التدخل في اختيار المحافظين.
القوى الحزبية التقليدية لن تترك منصب المحافظ بسهولة، إذ يُعتبر أقوى منصب إداري في الوحدات الإدارية، أي المحافظات. وفي أعقاب إعلان نتائج الانتخابات، بدأت هذه القوى الحزبية بالتفكير بشكل إستراتيجي، حيث بدأت بوضع خطط لتشكيل تحالفات جديدة بهدف تأمين الأغلبية اللازمة لانتخاب مرشحها لمنصب المحافظ، وهو الأمر الذي أكده بيان الكتل المنضوية ضمن الإطار التنسيقي. يهدف هذا التحالف إلى كسر المركز الأول الذي حققه تحالف “تقدم الوطني”، والذي نجح في الفوز بتسعة مقاعد في بغداد. ومع انضمام أحزاب الإطار التنسيقي، يُتوقع أن يحصل التحالف الموسع على دعم أكبر، مما يُمكنه من السيطرة على منصب المحافظ في العاصمة.
محافظة كركوك، التي تُعد من أهم المحافظات نفطيًا ومعدنيًا، ستشهد مناخًا سياسيًا مَحمومًا في أعقاب الانتخابات المحلية الأخيرة، التي كانت الأولى من نوعها منذ عام 2005. فاختيار المحافظ هناك سيكون عاملًا محوريًا في تحديد مسار المحافظة، سواء نحو الاستقرار أو الانعدام. وفي هذا السياق، حلّ حزب الاتحاد الكردستاني في المرتبة الأولى بنتائج التصويت، متبوعًا بالتحالف العربي، وبينما تمكنت الجبهة التركمانية من الحصول على مقعدين، يظل اختيار المحافظ محل جدل وتوتر سياسي(4). تظهر نتائج الانتخابات في كركوك أن الحزب الديموقراطي الكردستاني لم يصل إلى التمثيل المحلي المتوقع، حيث اكتفى بمقعدين فقط. وفي هذا السياق، تبدو العلاقات المُستقرة بين الأحزاب والكيانات الفائزة والحكومة الاتحادية كمؤشر على استقرار الوضع السياسي المحلي في المحافظة، حيث يُمكن القول إن هناك توافقا سياسيا بين الاتحاد الكردستاني، والجبهة التركمانية، والأحزاب العربية في كركوك. ويُعتبر ذلك إنجازًا للحكومة الاتحادية في تنظيم الانتخابات رغم التحديات التي واجهتها منذ أحداث عام 2017 والمطالب بالانفصال عن العراق. ونتيجة لهذا التوافق والاستقرار، يُتوقع أن تسير عملية اختيار المحافظ بطريقة أكثر هدوءا وتناغما.
تشير المؤشرات إلى أن هناك فرصًا أكبر لتدخل الكيانات السياسية الكبيرة في اختيار المحافظين في المحافظات التي لم تشهد ترشح محافظيها في الانتخابات. الأحزاب الكبيرة ذات التأثير المهم في الساحة السياسية تسعى لضمان استمراريتها والحفاظ على شهرتها قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة. وفي هذا الإطار، من المحتمل أن نشهد استمرارية في مناصب المحافظين الثلاثة من أصل الأربعة الذين فازوا في الانتخابات السابقة، نظرًا لتحالفاتهم وقوة تأييداتهم المحلية. يبقى أكبر تدخل يمكن أن تقوم الأحزاب الكبيرة والمتنفذة هو تشكيل التحالفات السياسية بعد اعلان الفائزين في الانتخابات وهو ما يتيح لهم حرية اختيار المحافظ عندما يحققون النصاب المطلوب وهو النصف +1، وهذا يتيح لهم ايضاً زيادة عدد أعضاء مجلس المحافظة من الحزب الذي تم اختيار المحافظ منه وهو ما يعني مقعداً اضافياً للحزب عندما يقومون باختيار أعلى الحاصلين على الأصوات(5).
رابعاً: العلاقة بين التصويت والانجاز.
أظهرت الانتخابات المحلية فعالية العلاقات المصلحية في جذب الأصوات، حيث نجح عدد من المحافظين في تقديم خدمات فعالة لمحافظاتهم، مما أسهم في فوزهم بثقة الناخبين. وهذا الأمر أضاف وزنًا لمحافظي محافظات مثل نينوى، الأنبار، كربلاء، والبصرة، واسط حيث تميزوا بجودة الخدمات والإنجازات التي قدموها. ويشير هذا النجاح إلى تحول في تفكير الناخب العراقي، حيث أصبح يميل أكثر نحو تقييم الأداء والخدمات المقدمة بدلاً من الانخراط في الخطابات الطائفية والعصبية والقومية.
القوائم التي أُعلن عنها من قبل المحافظين للمشاركة في الانتخابات، بصفة عامة، والتي كانت مستقلة وغير مرتبطة بالقوى التقليدية، كما يوضح الجدول المُرفق. بالمقابل، ظهرت قوائم أخرى مرتبطة بالمحافظين أو تحت قيادتهم، كقائمة “تحالف الموصل لأهلها” التي يترأسها محافظ نينوى السابق، نجم الجبوري، والتي حققت نجاحًا كبيرًا في محافظة نينوى من حيث عدد الأصوات والمقاعد.
ت | المحافظ/ المحافظة | الحزب/التحالف | عدد الأصوات |
1 | أسعد عبد الأمير العيداني/ البصرة | تصميم | 156670 |
2 | نصيف جاسم الخطابي/ كربلاء | إبداع كربلاء | 57372 |
3 | علي فرحان الدليمي/ الأنبار | الأنبار هويتنا | 15689 |
4 | محمد جميل المياحي/واسط | واسط أجمل | 37329 |
المصدر/ بالاعتماد على نتائج الانتخابات الصادرة عن المفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات 2023.
نجح المحافظون بهذه المناطق في تسويق إنجازاتهم الخدمية للمواطنين من خلال برامج انتخابية تعدهم بالاستمرار في تقديم هذه الخدمات في حال فوزهم بالانتخابات. كما نجحوا في بناء شبكات علاقات متينة من خلال فترة توليهم المنصب، مما أتاح لهم الفرصة لاستغلال هذه العلاقات في جذب الدعم الشعبي، متجاوزين الانتماءات القبلية والطائفية، وبالتالي تحقيق دعم أوسع من الجمهور.
أظهرت نتائج التصويت تفضيل بعض المحافظين الحاليين ورغبة الجمهور في استمرارهم بمناصبهم بعد توليهم المسؤولية. هذا التأييد ينعكس على تفوقهم الانتخابي الذي يُفترض أن يُشكل ديناميكية جديدة في علاقاتهم مع الأحزاب التقليدية. من المتوقع أن يسعوا لتحديث العلاقات والتواصل مع مختلف القوى السياسية بناءً على نجاحهم الأخير، الذي تميز بتركيزهم على الخدمة والتطلع إلى الأمام بعيدًا عن الانتماءات التقليدية السابقة. هذا التغيير في توجه الناخبين يمثل تطورًا ملحوظًا في السياسة العراقية، حيث يبدو أن الناخبين الآن أكثر تحفظًا ويعطون الأولوية للإنجازات الفعلية والملموسة على أرض الواقع على حساب الوعود الانتخابية العامة. هذه الديناميكيات الجديدة قد تؤدي إلى ظهور وجوه سياسية جديدة تُعتبر أكثر فاعلية وشفافية في القطاع الحكومي، مما يضعهم في موقع متقدم عند التنافس على المناصب السياسية المرموقة في المستقبل, لأنهم سوف يقومون بالاستفادة من المنجزات والخدمات التي تم تقديمها في برامجهم الحكومية وهو ما سيسبب ارتباكا في طبيعة ونوعية المرشحين كما سيدفع الأحزاب التقليدية إلى الحفاظ على المسؤولين التنفيذين لديها ممن هم تحت سيطرتها حتى لا ينشقوا عنها ويشكلوا منافساً محتملاً.
خامساً: سيناريوهات أمام العودة إلى اللامركزية.
السيناريو الأول/ الاستقرار المدفوع بالرغبة إلى تهدئة الأوضاع والاستفادة منه في تهيئة الجمهور للانتخابات البرلمانية وهو ما سوف تتجه إليه القوى والأحزاب السنية التي ترغب في تثبيت قيادة واضحة لها عن طريق مجالس المحافظات. بينما سوف تكون الاستفادة من مقاطعة التيار الصدري للانتخابات من أجل الوصول إلى مناصب مهمة مثل المحافظ ومجالس المحافظات وهو اتجهت إليه القوى الشيعية. بينمامحاولة الوصول إلى السلطة المحلية التي تمكّنهم من إبقاء المناطق الغنية تحت نفوذهم وهو ما ستتجه إليه الأحزاب والقوى الكردية خصوصاً في كركوك ونينوى. وهو ما نطلق عليه سيناريو الاستفادة من الأوضاع الراهنة.
السيناريو الثاني/ توجيه بعض الأحزاب والقوى السياسية نحو السعي لإقامة تحالفات إستراتيجية مع أطراف غير تقليدية أو جديدة في الساحة السياسية، بهدف تعزيز وجودهم وزيادة فرصهم في المنافسة على المناصب الحكومية. هذه الخطوة قد تعزز من تنوع الساحة السياسية وتجعلها أكثر ديناميكية. لكن سوف تزيد من المنافسة والصراع وهو ما يمكن نطلق علية سيناريو بداية الصراع.
السيناريو الثالث/ يمكن أن تكون مجالس المحافظات الشرارة الأولى لعودة الاحتجاجات الشعبية خصوصاً أن طيف الاحتجاجات الشعبية المتمثل بعدد من الاحزاب مثل حركة امتداد قد قاطعت الانتخابات وهو ما يعطي تصورا بأن بوادر الأزمة الداخلية التي يعيشها العراق لا تزال موجودة وهو السيناريو الذي يمكن وصفه بأنه جوهر الأزمة.
خاتمة:
على الرغم من الرفض الشعبي الذي ظهر في الاحتجاجات الشعبية عام 2019 ضد مجالس المحافظات، إلا أن الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في البرلمان العراقي تمسكت بإجراء الانتخابات المحلية. هذه الوضعية تبرز نقطة مهمة في النظام السياسي العراقي، وهي أهمية إجراء الانتخابات من أجل حسم التمثيل التشريعي المحلي والبرلماني. وتوضح نسبة المشاركة المنخفضة في بغداد، التي لا تتناسب مع عدد سكانها، أن الرفض لمجالس المحافظات قد يأتي من المناطق التي لم تشهد مشاركة نشطة. وهذا يشير إلى أن العودة المشروطة للامركزية قد تكون محددة بتأثير القوى السياسية الناشطة مقابل المقاطعين، حيث يمكن للأولى إعادة تقييم عملها المحلي، بينما قد يستخدم المقاطعون تلك المشاركة المنخفضة لرفض وجود مجالس المحافظات.
مراجع.
1_ قانون رقم (4) لسنة 2023 “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لسنة 2018.
2_ تقارير المفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات لعام 2023.
3- عبد العزيز عليوي العيساوي، نظام انتخاب مجلس النواب العراقي بعد 2003 النظام الانتخابي الأنسب لعراق ديموقراطي، المكتبة القانونية، بغداد، 2020، ص274.
4_ تقارير المفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات 2023.
5_ بالاستناد إلى المادة (8)، قانون رقم (4) لسنة 2023 “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لسنة 2018.
مروان محمد الشعباني/ باحث عراقي في العلاقات الدولية.